القائمة الرئيسية

الصفحات

ليلة القدر . فضائل وأحكام ليلة القدر

ليلة القدر . فضائل وأحكام ليلة القدر

ليلة القدر فضائلها وأحكامها:-

فضائل ليلة القدر:-

مِن نِعَم الله - سبحانه وتعالى - على هذه الأمة أنْ جعل لها مواسمَ يتضاعف فيها العمل، ومِن أخَصِّ هذه الأزمنة شهر رمضان؛ لأنَّ فيه ليلةَ القدر، التي هي خيرٌ من ألف شهر؛ أيْ: ما يزيد على ثلاثٍ وثمانين سنةً وأربعةِ أشهر.

فهي ليلة وصفها الله عز وجل بأنها مباركة، لكثرة خيرها وبركتها وفضلها. إنها ليلة القدر، عظيمة القدر، ولها أعظم الشرف وأوفى الأجر.

لماذا سُميت ليلة القدر:-

1- لأن الله يُقدر فيها الأرزاق وأمور العباد وتأخذ الملائكة صحائف الأقدار عاماً كاملاً من ليلة القدر إلى ليلة قدر أخرى، فلا يبقى جليل ولا حقير إلا كتب الله أمره عاماً كاملاً، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ(3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3-4] .

2- لأن الله أنزل فيها القرآن وهو أعظم ما يكون من الكتب قدراً.

3- لأن الإنسان يعظم قدره فيها إذا أحياها، لذلك قد تكتب السعادة لإنسان بعد إحيائها قال تعالى:
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3] إحياؤها أفضل من عبادة 84 عاما.

4- لأن الأرض تضيق والقدر هو التضييق كما قال تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق:7]، أي ضيق عليه لأن الأرض تضيق من كثرة الملائكة التي نزلت من السماء.
والصحيح أن كل ذلك واقع في ليلة القدر كما ثبت في النصوص وهذا التقدير السنوي، والتقدير الخاص.

 أما التقدير العام فهو مُتقدم على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بذلك الأحاديث.
هذا وقد نوّه الله بشأنها، وأظهر عظمتها، فقال عز وجل (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:2، 3)، فمن تُقبِّل منها فيها، صارت عبادته تلك تفضل عبادة ألف شهر، وذلك ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر، فهذا ثواب كبير، وأجر عظيم، على عمل يسير قليل.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه" خرّجه البخاري ومسلم، يحييها الإنسان تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه، وطلباً للأجر، لا لشيء آخر، والعبرة بالاجتهاد والإخلاص، سواء علم بها أم لم يعلم.

فلنحرص على الصلاة والدعاء في تلك الليلة، فإنها ليلة لا تشبه ليالي الدهر، فنأخذ بنصيبنا من خيرها الحَسَن، ونهجر لذَّة النوم ومتع الحياة .

ليلة القدر. فضائل وأحكام ليلة القدر

وقت وميعاد ليلة القدر:-

وأما وقتها وتحديدها في رمضان، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة في رمضان. قال الشافعي رحمه الله: "كأن هذا عندي والله أعلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يُسألأ عنه، يُقال له: أنلتمسها في ليلة كذا؟ فيقول: التمسوها في ليلة كذا".

وقد اختلف العلماء في تحديد ليلة القدر، وذلك على أكثر من أربعين قولاً، ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وهذه الأقوال بعضها مرجوح، وبعضها شاذ، وبعضها باطل.

والصحيح في هذا أنها أوتار العشر الأواخر في رمضان، ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاوز في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: التمسوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" خرّجه البخاري ومسلم.

ومتى ضَعُفَ الإنسان أو عجز أو تكاسل، فليتحرها في أوتار السبع البواقي، ليلة خمس وعشرين وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضَعُف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبَّن على السبع البواقي" خرّجه البخاري ومسلم. وبهذا التفصيل تأتلف الأحاديث ولا تختلف، وتتفق ولا تفترق، والأقرب إلى الدليل، أن ليلة القدر تنتقل، وليست ثابتة في ليلة محدّدة من كل عام، بل مرةً تكون ليلة إحدى وعشرين، ومرة تكون ثلاث وعشرين، ومرة تكون خمس وعشرين، ومرة تكون سبع وعشرين، ومرة تكون تسع وعشرين، فهي بهذا مجهولة لا معلومة، وقد أخفى الشارع الحكيم وقتها، لئلا يتكل العباد على هذه الليلة، ويَدَعوا العمل والعبادة في سائر ليالي شهر رمضان، وبذلك يحصل الاجتهاد في ليالي الشهر، حتى يدركها الإنسان.


ليلة القدر. فضائل وأحكام ليلة القدر

ماهي الحكمة من إخفاء ليلة القدر وعدم معرفتها؟

عن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر فتلاحا رجلان فقال: « إني خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحا فلان وفلان لعل ذلك أن يكون خيرا، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» [مصنف بن أبي شيبة] ..

قال العلماء بخصوص إخفاء ليلة القدر:-

1- أنه لو علم الأخيار والأشرار لتسلط الأشرار على الناس بالدعاء.

2- ربما أنهم يسألوا فتن الدنيا التي تكون سببا في شقائهم في دنياهم وأخراهم.

3- بيان الصادق في طلبها من المتكاسل لأنّ الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليالي من أجل أن يدركها.

4- كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال لأنّه كلما كثر العمل كثر الثواب.

علامات ليلة القدر: -

والصواب أنه لا يشترط لحصولها رؤية شيء ولا سماعه، فليس من اللازم أنّ من وُفّق لها لا يحصل له الأجر حتى يرى كل شيء ساجداً، أو يرى نوراً، أو يسمع سلاماً، أو هاتفاً من الملائكة، وليس بصحيح أن ليلة القدر لا ينالها إلا من رأى الخوارق بل فضل الله واسع.
وليس بصحيح أيضاً أنّ من لم يَرَ علامة ليلة القدر، فإنه لا يدركها، ولا موفّق لها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحصر العلامة، ولم ينف الكرامة.
قل ابن تيمية: "وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة، فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر"
وقال النووي: "فإنها تُرى وقد حققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنة في رمضان، كما تظاهرت عليه هذه الأحاديث، وأخبار الصالحين بها، ورؤيتهم لها أكثر من أن تحصر، وأما قول القاضي عياض عن المهلب بن أبي صفرة: "لا يمكن رؤيتها حقيقة، فغلط فاحش،، نبّهتُ عليه، لئلا يُغتر به"
ونقل الحافظ ابن حجر، أن من رأى ليلة القدر، استُحبّ له كتمان ذلك، وألا يخبر بذلك أحداً، والحكمة في ذلك أنها كرامة، والكرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف.

وليلة القدر ليست خاصة بهذه الأمة، بل هي عامة لهذه الأمة، وللأمم السابقة كلها، وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، هل تكون ليلة القدر مع الأنبياء، فإذا ماتوا رُفِعت، قال عليه الصلاة والسلام: "بل هي إلى يوم القيامة" خرّجه أحمد وغيره وهو صحيح.
ومن العلامات التي تُعرف بها ليلة القدر، ما جاء في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها" خرجه مسلم.
والمقصود أنه لكثرة اختلاف الملائكة في ليلتها ونزولها إلى الأرض وصعودها بما تنزل به، سترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها"ا.هـ.

وأما غير ذلك من العلامات، فلا يثبت فيها حديث، ككونها ليلة ساكنة، لا حارة ولا باردة، ولا يُرى فيها بنجم، ولا يحل للشيطان أن يخرج مع الشمس يومئذ.

وهناك علامات لا أصل لها، وليست بصحيحة، كالأشجار تسجد على الأرض ثم تعود إلى مكانها، وأن المياه المالحة تصبح في ليلة القدر حلوة، وأن الكلاب لا تنبح فيها، وأن الأنوار تكون في كل مكان.


ليلة القدر. فضائل وأحكام ليلة القدر

تحري ليلة القدر:-

إن ليلة القدر ليست للمصلين فقط، بل هي للنُفساء والحائض، والمسافر والمقيم، وقد قال الضحاك: "لهم في ليلة القدر نصيب، كلُ من تقبل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر".

وينبغي للإنسان أن يشغل أغلب وقته بالدعاء والصلاة، قال الشافعي: استحب أن يكون اجتهاده في نهارها، كاجتهاده في ليلها. وقال سفيان الثوري: "الدعاء في الليلة أحب إلي من الصلاة"، فالدعاء في ليلة القدر، كان مشهوراً ومعروفاً عند الصحابة، فلنحرص على تخيّر جوامع الدعاء الواردة في الكتاب العزيز، والتي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، أو أرشد إليها، ولنعلم جميعاً أنه ليس لليلة القدر دعاء مخصوص لا يُدعى إلا به، بل يدعو المسلم بما يناسب حاله، ومن أحسن ما يدعو به الإنسان في هذه الليلة المباركة، ما أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لو علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر، لكان أكثر دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية" الخبر. وهكذا يحرص كل مسلم أن يدعو بالأدعية الجامعة من دعوات النبي صلى الله عليه وسلم، الواردة عنه في مقامات كثيرة، وأحوال خاصة وعامة.
قال النووي: ويُستحب أن يُكثر فيها من الدعوات بمهمات المسلمين، فهذا شعار الصالحين، وعباد الله العارفين".


ليلة القدر. فضائل وأحكام ليلة القدر

أهم الوصايا في العشر الأواخر من رمضان: -

إتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه قالت: «كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» [متفق عليه].

- شد مئزره: كناية عن ترك النساء.. وقيل: أي جد واجتهد في العبادة.
- ‏- أحيا ليله: قال بعد العلماء: " ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام في ليالي العشر أبداً، أي أن صلاته تستمر من بعد العشاء يحيي ليله إلى أن يندلج الفجر ".
- ‏- أيقظ اهله: أنه يوقظ من في بيته لشدة إهتمامه بهذه الليلة حتى لا يفوتهم الخير (نوقظ الخدم والأطفال المميزين).
- ‏اعتقاد خاطيء: بعض الناس يعتقد أن ليلة القدر أنها ساعة في الليل أو في الثلث الأخير،.. وهذا خطأ.. ليلة القدر تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر قال تعالى : {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [القدر : 5 ].

تفسير سورة القدر:-

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} أي القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.

{فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} أي ليلة الشرف والتعظيم.

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} هذه الصيغة يستفاد منها التفخيم أي ما أعلمك بليلة القدر وشرفها.

{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي العمل الصالح فيها من صلاة وتلاوة ودعاء خير من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، والمراد بالخير هو ثواب العمل فيها وما ينزل الله فيها من الخير والبركة.

{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} ذكر الله ما يحدث في هذه الليلة أن الملائكة تنزل شيئا فشيئا لأنهم سكان السموات والسموات سبع، ونزول الملائكة في الأرض عنوان الرحمة والخير والبركة ولهذا إذا امتنعت الملائكة من دخول مكان قد يخلو من البركة والخير كالمكان الذي فيه صور.

{بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} أي بكل أمر يأمرهم الله به وهو ما قضاه الله في هذا السنة.

{سَلَامٌ هِيَ} وصفها الله بالسلام لكثرة من يسلم فيها من الآثام وعقوباته - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبة».

{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي هي سالمة من الشر كله من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.


ليلة القدر. فضائل وأحكام ليلة القدر
إضافة شرح


نسأل الله أن يجعلنا ممن يوفقون لقيامها ويعيننا على ذلك، ونسأله أن يجعل قيامنا بين يديه خير قيام، ونسأله إخلاصا لوجهه وخشوعا بين يديه فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم» [رواه ابن ماجه].



reaction:

تعليقات