_" أوراق الورد " لمن كتب الرافعي كل تلك الرسائل...؟
الرسائل كانت ولاتزال متلازمة العشاق ، هي الذاكرة التي تجمع من خلالها قلوب المُحبين ، ذاكرة حية لا تموت ومساحة بيضاء يلونها العاشق بأجمل أشعاره ومشاعره ، ربما يموت الحب ولكن الخلود يُكتب للرسائل فهي الشاهد الوحيد على كل اللحظات الجميلة التي عاشها العُشاق .
وقبل أن نغوص أكثر في عوالم الرسائل وأيام الزمن الجميل يجب أن نُدرك أن الرسائل إلى يومنا هذا لها مفعول السحر تماماً ، فمن عمل على إختراع أي تطبيق أو برنامج وزاد في تطويره لا يمكن أن يغفل عن إضافة مساحة للمراسلات ، فالمراسلات الطريق الأكثر أماناً للقلوب الخفاقة ، فما يعجز اللسان عن قوله جهاراً تستطيع الرسالة أن تبوح به ...
يقول الروائي واسيني الأعرج في مقال له بعنوان :
{ الحب من طرف واحد مصطفى صادق الرافعي
ومي زيادة }
"أوغل في حب مي حتى أصبح يتخيلها في كل مكان، حالة من الجنون، لم تَسْرِ معه على الوتيرة نفسها. ولكن مِنْ هذا الحب الوهمي الذي سكنه، كتب شعراً جميلاً يُشكل اليوم رصيده العشقي لمي: «السحاب الأحمر».. و«أوراق الورد».. و«رسائل الأحزان». وخلق لحظات عشقية بينهما.
ومن هذه المقولة ندخل إلى عمق الكتاب الذي بين أيدينا " أوراق الورد " ، لمّح واسيني من خلال هذا المقال إلى علاقة ضبابية بين الرافعي ومي زيادة ، ربما لا نجد أثراً حقيقياً للقصة لكن من خلال هذا الكتاب نستطيع أن نؤكد أن الرافعي استفاض بمشاعره على الورق ، مشاعر رقيقة ودافئة فيها من الحب الكثير ومن المعاناة الكثير أيضاً ، وكأن هذا النص ليس إلا برهاناً على حب الرافعي الذي مات قبل أن يولد ، حب عاش على الهامش ولم يكتب له البقاء فأراد تخليده على وريقات من الورد .
ماذا يقصد الرافعي بعنوان كتابه "أوراق الورد"؟
يقع العنوان في شقين: الرئيسي منهما جاء يلهج فاضحاً بمحتوى الكتاب " أوراق الورد " وكأن هذه الرسائل ليست إلا إنعكاساً لهشاشة هذا الحب وتكاد أن تكون مكتوبة على أوراق الورد ، أوراق ضعيفة ولكنها في نفس الوقت تحملنا سيميائية هذا العنوان إلى الحب بطبيعة الحال فليس الورد بألوانه ورائحته إلا قريناً للحب ، فخيار الرافعي في هذا العنوان يأتي بمثابة عتبة أولى لهذا الكتاب تحمل دلالة واضحة وصريحة ولا تحتاج إلى تفسير .
أما الشيفرة التي نجح الرافعي في الإختباء خلفها جاءت في الشق الثاني من العنوان أو كما يسمى العنوان الفرعي: "رسائلها ورسائله " فهذا الضمير الذي يحيلنا إلى غائب مجهول ليس إلا ستارة نسجها الرافعي حتى يبوح بكل مشاعره بعيداً عن مسائلة قارئ فضولي ، فكأنه قال بشكل غير مباشر بأنها ليست رسائلي ولكن في الأدب عادة يظهر الضد ضده فما تنفيه في المجاز أنت تثبته في الواقع ، فالعنوان ليس موجهاً لقارئ يكتفي بالظاهر بل لذلك القارئ الذي يفسر ويحلل ويبحث عن مواطن الجمال .
ويقول محمد سعيد العريان في مقدمة الكتاب :
" إن في أوراق الورد طائفة من رسائله إليها ، لكنها رسائل لم تذهب إليها مع البريد ، بل هي من الرسائل التي كان يناجيها بها في خلوته ويتحدث بها إلى نفسه ... ضم أوراق الورد إلى أشواكه وأخرجها كتاباً للفن أولاً ثم لها من بعد ."
وفعلاً جاءت الرسائل متباينة بين حب منهمر وشوق متقد و رسائل محملة بألوان العذاب والفراق ، وكأن كل رسالة تنطق بلسان حال هذا العاشق ترافق تقلبات هذه العلاقة الموصوفة بأنها من طرف واحد ، وتماشياً مع هذا الحب السري كانت النصوص لا تحمل أسماء ولا عناوين ولا تواريخ رسائل، ما هي إلا خواطر داهمت الرافعي وحركت أشجانه تارة وأشعلت حبه تارة أخرى، وبين لهيب هذا الحب وبروده أبدع الرافعي في وصف مشاعره وباتت هذه الرسائل خالدة لكل المحبين والعشاق ولم تقتصر على علاقة الرافعي بالأديبة مي زيادة .
"أريدها لا تعرفني ولا أعرفها، لا من شيءٍ إلا لأنها تعرفني وأعرفها.. تتكلم ساكتةً وأرد عليها بسكوتي. صمتٌ ضائعٌ كالعبث ولكن له في القلبين عمل كلامٍ طويل"
"اقتباس من الكتاب "
تداخل الأجناس في شعر الرافعي:-
نرى الرافعي في مطلع هذا الكتاب وفي فصله الأول "وزدت أنك أنت " يبدأه بأبيات شعرية أنيقة ليثبت أن للشعر حضوره الدائم في خواطر العشاق ، فمهما بلغ الوصف السردي من الجمال لا يمكن أن ينازع الشعر على صدارة كتابات العشاق ، فالشعر له جماليات خاصة في اللغة ومواطن إيقاعية تفضي إلى نغم يحرك قلب المحب ، والشعر ركيزة أساسية في اللغة العربية وكأن الشعر يظهر مكامن البديع في لغتنا بالإضافة إلى أن النسق الشعري في إختصاره يختزل الحالة ويعمل على إيجازها خلاف السرد الطويل الذي يفضح المشاعر فلذلك يبقى الشعر هو الشيفرة التي لا يفكك رموزها إلا قلب عاشق متيم :
تالله لو جددوا للبدر تسمية...لأعطي اسمكِ يا من تعشقُ المُقل
كلاكما الحسن فتَّانًا بصورته....وزدت أنكِ أنتِ الحب والغزل
وزدت يا حبيبتي أنكِ أنتِ”
وكما كان للغزل في كتاب الرافعي حصة كان للشوق والحسرة حصة أيضاً ، فكأن كل قصيدة جاءت لتُضمد جراحات الرافعي وآلامه وتواسي وحدته وحزنه وفراقه عن محبوبته ، فجاءت هذه القافية الرائية بحرفها الإنفجاري حتى تعلن عن إنكسار في عوالم الرافعي ، إنكسار عاشه وحيداً وخلده في قصيدة بعنوان " متى يا حبيب القلب ...؟ " تساؤل جاء بصيغة إستنكارية وكأن الرافعي يعرف إجابته ولكن آثر أن يناجي العدم لعله يريح هذا الفؤاد ولو قليلاً :
" ألا يا نسيم الفجر سلم على فجري // فقد غاب في الليل الطويل من الهجر
متى يا حبيب القلب هجرك ينتهي // ومن أول الأيام فيه انتهى صبري ؟
الحكمة المستنبطة لفلسفة الحب والجمال للرافعي:-
لم يبخل الرافعي بترك خلاصة تجربته في الحب وكأن حجم الخسارة التي عاشها يليق بها بأن تكون درساً للعاشقين الجدد ، فبين طيات الرسائل نلمح دائماً عبرة أو حكمة أو يمكن أن نسميها نصيحة طيبة تربت على القلب بهدوء ، ربما في الحب لا يوجد دروس فلكل تجربة كيانها المنفصل لذلك كانت لغة الرافعي في نصحه بعيدة عن الوعظ فهو لم يقل " افعل ولا تفعل " بل مرر رسائله إلى القارئ ضمن سياق متين حيث تقرأ الحكمة ضمن ترابط نصي فائق الدقة تماماً كمن ينسج ثوباً من الأمل من أكوام الخيبة والخذلان :
" الحب دين على أسلوب خاص ضيق ولذلك يشتد فيه التعصب كما يقع في الدين من المؤمن به، على وتيرة واحدة، إذ لا يرضى للقلب في هذا ولا هذا غير رأي واحد "
وهنا يرى الرافعي أن الحب "دين على أسلوب خاص " لعل التشبيه بحد ذاته عبقري فكما هو الدين انتماء كذلك هو الحب ، ربما لا يرضي هذا التشبيه الكثير من الناس إلا أن الرافعي له نهج خاص في كتابته فهو صاحب فكر متنور ورسالة إنسانية ودائماً ما كانت نصوصه خروجاً عن المألوف وتغريداً خارج السرب .
"إن للقلب أربع لغات يتكلم بها : واحدة منهن بالألوان في الوجه ، والثانية بالدلال في الجسم ، والثالثة في النظر بالمعاني ، والأخيرة وهي أسهلهنّ وأبلغهنّ يتكلم بكل ذلك في ابتسامة ."
من هي مي زيادة: -
فالكتاب عبارة عن رسائل مُفعمه بحرارة الإشتياق و مُصاغة بأحسن الصور البلاغية ،وهذا شئ متوقع حينما يكون الطرفان هما ( الرافعى و مى زيادة ) أو مارى زيادة .. السورية المسيحية ذات الأصول اللبنانية نسبة إلى والدها و الأصول الفلسطينيه نسبة لأمها.
و هى أديبه رائعة على الصعيد العربى وكانت ولا تزال نموذج للمرأة العربية المتحررة صاحبة الصوت المسموع والرأي السديد .
تذكر بعض المصادر ان كان لها عُشاق كُثر منهم " الرافعى " لكن أبرزهم " جبران خليل جبران " وهو الوحيد التى صارحته بحبها بعد 12 عام من علاقتهما !!
أما عن الرافعي: -
مصطفى صادق الرافعي: أحد أقطاب الأدب العربي الحديث في القرن العشرين، كتب في الشعر والأدب والبلاغة بإقتدار، وهو ينتمي إلى مدرسة المحافظين وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي.
وُلِد «مصطفى صادق عبد الرزاق سعيد أحمد عبد القادر الرافعي» بقرية بهتيم بمحافظة القليوبية عام ١٨٨٠م في رحاب أسرةٍ استقى من مَعِينها روافد من العِلمِ والأدبِ؛ فقد زخرت مكتبة والده بنفائس الكتب، كما تشرَّف منزل والده باستضافته لكوكبةٍ من أعلام العلم والأدب، وقد تأثر الرافعي بتلك الكوكبة، واستلهم من نبراس علمهم أُفُقًا جديدًا من آفاق المعرفة، وقد أوفده والده إلى كُتاب القرية؛ فحفظ القرآن الكريم وأتمَّه وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، ثم انتسب إلى مدرسة دمنهور الابتدائية، ومكث بها فترةً من الزمن، انتقل بعدها إلى مدرسة المنصورة الأميرية وحصل منها على الشهادة الابتدائية، وكان عمره آنذاك سبع عشرة سنة، وقد توقف مشواره الأكاديمي عند هذه الدرجة العلمية لِيُماثِلَ بذلك العقاد الذي لم يَنَلْ سوى الشهادة الابتدائية، ومن الجدير بالذكر أن مرض الصمم الذي أصابه هو الذي اضطره إلى ترك التعليم الرسمي، واستعاض عنه بمكتبة أبيه؛ فعكف على قراءة واستيعاب كل ما فيها. وقد تقلَّدَ عددًا من المناصب؛ فعمل كاتبًا في محكمة طلخا، ثم انتقل إلى محكمة إيتاي البارود، ثم محكمة طنطا الشرعية، واختتم حياته المهنية بالانتساب إلى المحكمة الأهلية.
وقد أثرى بحر الأدب بالعديد من إبداعاته الشعرية والنثرية؛ فقد أصدر ديوانه الأول عام ١٩٠٣م وهو في ريعان شبابه، وقد حَظِيَ هذا الديوان على إشادة وإعجاب شعراء عصره، فقد أثنى عليه البارودي وحافظ والكاظمي وبعثوا له ببرقيةِ تهنئة؛ ولكن الثناء لم يُثنه عن القرار الذي اتخذه بترك ميدان الشعر والتوجه إلى ساحة النثر الفني الأدبي التي برع فيها، حيث قدم العديد من المؤلفات الأدبية والدينية ومن أشهرها «حديث القمر»، و«أوراق الورد»، و«تحت راية القرآن»، و«إعجاز القرآن والبلاغة النبوية». وقد صعد إلى الرفيق الأعلى عام ١٩٣٧م.
فلسفة الحب والجمال في مدرسة الرافعي:-
على أوراق الورد ينثُر الرافعيُ في كتابه قطرات من ندى العشق الممزوج بعطر جمالِ محبوبتيه في صورة طائفة من الخواطر المنثورة في فلسفة الحب والجمال التي أنشأها؛ ليصف حالةً من حالاته ويثبت تاريخًا جديدًا في سطور حياته عنوانه رسائل من محبٍ إلى محبوبتيه، وقد أشار الرافعي أنه لم يُفْرِد هذه الرسائل لمحبوبته الأولى، وإنما أشرك معها حبيبته اللبنانية التي اشتق من وحي جمالها ألفاظ كتابه حديث القمر؛ فهو يمزجُ في هذا الكتاب بين فلسفة الحب وبين صوفية النظرة في طلب ذلك الحب، ه من خلاله طاقة إبداعية تصور بلاغة فن الإنشاء في وصف لغة الحب الوجداني. ويجمع الرافعي في هذا العمل بين مَلَكَة الأديب الذي يصوغ أحاسيسه ومشاعره ويودعها في قالبٍ فني، ومنطق الفيلسوف الذي يرى أن ذروة المنطقية في الحب كامنة في عقليته.
السلام عليكِ في أزليّة جفائك التي لا تنتهي..
"الرافعي.. ومي"
اترك هذا العالم وراءك
وانزلق معي إلى داخل هذه الشرنقة الحريرية
ستجد روحك معطرة بعطر الورد
وأناملك منتشية بلمسات أوراقه،
أنت في جنة بتلات الورود الآن
فاسترخ
واستمتع.
:::::::::::::::
"يا ثغرها .. فيك نسيم الندى.. فكيف قلبي في نداك إحترق".
قد تظن بأنك مُقبل على مجرد قراءة رسائل عشقية
ولكن الأمر يتعدى ذلك ليؤرخ لأدب الرسائل وفنها بطريقة فريدة،
فالرافعي يبث عواطفه المشبوبة بلاغة وسحرًا
تتمتع معه بفصاحة اللغة وجزالة العبارات.
:::::::::::::::::
مي زيادة التي فتنت الجميع بسحرها
التي إلتف حولها الجميع يحاول فك شفرات لغزها
كامرأة وحيدة تنسج الأدب سحرًا راقيًا،
في عصر كان يضم كل ذي شأن رنان في عالم الفكر والأدب،
ظلت كما هي..عالية..سامية..وحيدة..كالقمر
وظل الجميع يتبتل في محرابها كلٍ بطريقته.
::::::::::::::::::::
إقتباسات من الكتاب: -
"وقالت ضاحكة: لا أحبّك
قلت: إنّ فيها " أحبّك " وهذا يكفي
قالت : وزادت في ضِحكها: أعني أبغضك
قلت: ولكنّه بُغض من تضحك كما أرى
قالت :وزوت من وجهها وتكلفت العبوس قليلاً: أعني
فابتدرتها أقول: إنّ تكلّف وجهك ينطق بأنّه لا يعني
فذهب بها الضحك مذهبًا ظريفًا وقالت: الآن قطع بك ،
فلقد كنت أريد أن أقول " أعني أحبّك " فنفيتها أنت
فانتفت
قلت: بل الآن وصل بي ... ما دمت قد قلت
" أعني أحبّك "
وأثبتّها أنتِ فثبتت".
*-*-*-*-*-*-*
"كيف ينبض القلم في يديك هذه النبضات الحية المتمثلة
حتى ما يخالجني شك في أنه لو وضع على كتابك ميزان الحرارة
لجاءت درجته في حرارة قلب ".
*-*-*-*-*-*-*
"وقالت له : كلماتي لا تتم بمعانيها ، ولكن بفهمك أنت
لمعانيها ..
ليست المسكرات ولا المخدرات هي ما يعدونه من كذا وكذا
بل ومنها النظر إلى الوجوه
والفكر في بعض الناس".
*-*-*-*-*-*-*
"أريدها لا تعرفني ولا أعرفها .. لا من شيء إلا انها تعرفني
و أعرفها ..
تتكلم ساكتة و أرد عليها بسكوتي ..
صمت ضائع كالعبث لكن له في القلبين عمل كلام طويل".
*-*-*-*-*-*-*
"في الحب درجةٌ من درجات الملائكة يرتفع إليها من قدِر أن ينسى من حبيبه المادة الإنسانية وهي مالئةٌ عينيه وحواسه، آهٍ ما أشق أن يتحول العاشق في حبه إلى شريعة، ولكن ما ألذ أن يتحول".
*-*-*-*-*-*-*
"وكل حبيبة وصاحبها كالوثن وعابده
في أحدهما الحقائق كلها ما دام في الآخر الوهم كله."
*-*-*-*-*-*-*
"أشعر أحيانا ما من رجل في العالم يحب إمرأة
إلا ألمّ به بحسي شيء من لذة هواه
فإن لم أكن أنا العالم كله
فلقد جعلت حبي هو الحب كله."
*-*-*-*-*-*-*
"يا زجاجة العطر اذهبي إليها.. وتعطري بمس يديها.. وكوني رسالة قلبي لديها.. وها أنا انثر القبلات على جوانبكِ فمتى لمستكِ فضعي قبلتي على بنانها.. وألقيها خفية ظاهرة في مثل حنـّو نظرتها وحنانها.. وإلمسيها من تلك القبلات معاني أفراحها في قلبي ومعاني إشجانها .. وها إذا أصافحكِ فمتى أخذتكِ في يدها فكوني لمسة الأشواق.. وها أنذا أضمكِ إلى قلبي فمتى فتحتكِ فانثري عليها معاني العطر لمساتِ العناق.
قولي لها يا زجاجة العطر أنكِ خرجتِ من أزهار كأنها شعل نباتية، وكانت في الرياض على فروعها وكأنه تجسمت من أشعة الشمس والقمر فلما ابتعتكِ وصرتِ في يدي، خرجتِ من شعل غرامية وأصبحتِ كأنكِ تجسمتِ من أشواقي وتحياتي ولمسات فكري، ولذلك أهديتك."
مقتطفات من كتاب أوراق الورد
*-*-*-*-*-*-*
"أترى يا قلبي كأن ضوء القمر صنع صنعة بخصائصها ليبعث في القلوب معاني القلوب الروحية من الفكر والحب كما صنع نور الشمس ليبعث في الأجسام قواها ومعانيها المادية من الحياة والدم."
*-*-*-*-*-*-*
"ولو كل الجميلات في العالم لفظن كلمة واحدة ثم لفظتها أنتِ لكنت أنتِ وحدك القادرة على أن تصنع روح الجمال وروح الحب وروح المرأة في تلك الكلمة لأن روحي لا تعرف الجمال والحب في المرأة إلا فيكِ."
*-*-*-*-*-*-*
"ما أرى الحب إلا قوة تخرج النفس وتشيعها في الوجود كله أو تدخل الوجود كله إلى النفس وتدعه شائعا فيها، ولهذا فمهما يبلغ من سعة العالم فإنه لن يمتلئ عن المحب إلا بواحد فقط. هو الذي يحبه."
*-*-*-*-*-*-*
فإن كل لذة الحب، وإن أروع ما في سحره، أنه لا يدعنا نحيا فيما حولنا من العالم، بل في شخص جميل ليس فيه إلا معاني أنفسنا الجميلة وحدها، ومن ثم يصلنا العشق من جمال الحبيب بجمال الكون، وينشئ لنا في هذا العمر الإنساني المحدود ساعات إلهية خالدة، تشعر المحب أن في نفسه القوة المالئة هذا الكون على سعتها”
*-*-*-*-*-*-*
"لا يمكن للقلب أن يعانق القلب , ولكنهما يتوسلان إلى ذلك بنظرة تعانق نظرة وابتسامة تضم ابتسامة."
*-*-*-*-*-*-*
"يا ليل: هيجت أشواقا أداريها... فسل البدر إن البدر يدريها
رأى حقيقة هذا الحس غامضة...فجاء يظهرها للناس تشبيها
في صورة من جمال البدر ننظرها...وننظر البدر يبدو صورة فيها."
*-*-*-*-*-*-*
يا حبيباً إذا حننت إليه حن في رقتي عليه حنيني"
أنت شخصان في الفؤاد. فشخص عند ظنّي .. و آخر في يقيني
واحد كما شئت أنت.. و ثان كيفما شئته أنا و ظنوني
لا بهذا رحمتني أو بهذا بل بعقلي عذبتني و جنوني."
"تلك الرسائل كان الأجدر بها أن تُكتب حقاً، علي أوراق الورد لفرط رقتها..رسائل الرافعي ل محبوبته ميّ زيادة..التي لم تكُن له يوماً.."
الخاتمة:-
وهنا نجد كلمات الرافعي تنساب كجدول من لُجين رقراق، لتغترف منه كل الروعة والجمال وتروي ظمأك للرقة وروحك للحب...
كلماته حساسة، لذيذة موسيقية تعزف على أوتار القلب أجمل الألحان...
في كل ورقة من (أوراق الورد) يفوح شذى الحُب، ودفء الذكريات ولوعة الحنين والاشتياق.
فعلاً (أوراق الورد) كنزٌ من كنوز اللغة العربية في معاني الحب والجمال!
فعندما تعجز روايات وكتب الكون على إخراجك من حالة اليأس والإحباط تضطر إلى أن تلجأ لسلاح الأدب الأكثر رفعة والأكثر أصالة والأكثر ذوقًا. تلجأ إلى سلاح السحر الذى يُداوي جروحك ، تلجأ إلى أديب قادر على أن يجذبك إلى عالمه وأن تعيش معه.
أديب قادر على جعلك تطير مع (السحاب الاحمر )وتنصت إلى (حديث القمر) وتجاهد (تحت راية القرآن ) وتتلقى (وحى القلم )وتكتب على (أوراق الورد) وترسل
(رسائل الأحزان ) وتشعر ب(المساكين )
مصطفى صادق الرافعي حقا" إن من البيان لسحر ".
المصادر والمراجع:-
↑ مصطفى صادق الرافعي، وحي القلم، بيروت: المكتبة العصرية، جزء 1. بتصرّف.
^ محمد سعيد العريان (1955)، حياة الرافعي (الطبعة 3)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى،بتصرّف.
^ محمد ثابت (2016)، أروع ما كتب مصطفى صادق الرّافعيّ، شاعر وحي القلم (الطبعة 1)، القاهرة: كنوز، صفحة 8-9. بتصرّف.
↑ مصطفى صادق الرافعي، تاريخ آداب العرب، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 9-12، جزء 1. بتصرّف.
↑ خديجة زايدي (2015-2016)، مفهوم الفن والجمال في "أوراق الورد" لـ:مصطفى صادق الرافعي، صفحة 35-40. بتصرّف.
↑ نادیة مطاي، یمینة بومعد (2016-2017)، تداخل الأجناس الأدبية في كتاب وحي القلم لمصطفى صادق الرافعي، صفحة 53،21،8،7. بتصرّف.
^ محمود أبو ريّه، من رسائل الرافعي (الطبعة 2)، القاهرة: المعارف، صفحة ،7،8،9،10،11،26،27. بتصرّف.
↑ عادل أحمد سالم باناعمه (10-8-2016)، "قراءة في أسلوب الرافعي"، uqu.edu.sa، بتصرّف.
↑ عبد الحميد محمد بدران (2017)، أساليب التشويق في المقال الأدبي عند الرافعي، صفحة 1121-1124. بتصرّف.
تعليقات
إرسال تعليق