كتب الأديب مصطفى صادق الرافعي عن شهر رمضان المبارك وفلسفة الصيام بأسلوب عقلاني بديع، واصفًا الشهر الفضيل أنه "مدرسة الثلاثين يوماً" الذي وضع به الله عز وجل الإنسانية كلَّها في حالة نفسية واحدة، عبر نظام علميٍ من أقوى وأبدع الأنظمة الاشتراكية الصحيحة ألا وهو "الصوم".
وتابع: الحقيقة الإسلامية الكبرى التى شُرع الصيام لها هى
استمرار الفكرة الإنسانية كى لا تتبدل النفس على تغير
الحوادث، ومن معجزات القرآن الكريم أنه يدخر في
الألفاظ المعروفة فى كل زمن حقائق غير معروفة لكل
زمن فيجليها لوقتها حتى يضج الزمان العلمى فى متاهته وحيرته.
من قواعد الإنسانية التي يتعلمها الإنسان،أن الرحمة لا تنشأ إلا بعد معرفة الألم، أو كما قالوا قديمًا "أن الرحمة تنشأ منالألم" وهذا سر من أسرار الصوم.
فليس الجوع مقصداً لذاته هنا فحسب، وإنما
وراءه مقاصد رفيعة سامية.
فالجائع الغني لا يستطيع أن يسمع صوت الجائع الفقير
فيضميره إلا بعد أن يَمُر بتلك التجربة العظيمة
وهي"الصوم".
ومتى تحققت رحمة الجائع الغني بالجائع الفقير،وسمع
الجائع الغني في داخله صوت الجائع الفقير فيُسارع لتلبية
هذا الصوت وإشباع الفقير، تتحقق عندها أسمى
الإنسانية ويضع الإنسانية كلها في حالة نفسية واحدة.
بل ويضع الإنسانية كلها غنيها وفقيرها عظيمها وبسيطها
على صف واحد.
دعونا نتفق أن الميدان الأول للإنسان والبشرية هو
"النفس".
فإن إستطعنا أن ننتصر في هذا الميدان فما بعده أهون،
ولعل الحكمة الربانية من الصوم هو ترويض النفس
وتهذيبها، فأنت بمحض إرادتك ليس لك وازع إلا
ضميرك، تمنع نفسكعن شهواتها وعن طعامك وشرابك لا
رقيب عليك إلا الله وحده.
فإذا إمتنعت عن ذلك محتسبًا ذلك عند الله مُخالفًا لإهوائك
تكون قد إنتصرت على نفسك في ميدان من ميادين
وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال:
"فرغتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ."
فقد كان يقصد صلى الله عليه وسلم "جهاد النفس."
لو تأملت قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (183) البقرة
فنجد في هذه الآية الله تعالى مخاطبًا للمؤمنين من هذه
الأمة وآمرًا لهم بالصيام ، وهو : الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل ، لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة .
ويتضح لنا أن الهدف والغاية الكبرى وراء فرضية الصيام
للمسلمين هو تحقق معنى التقوى،فبالصوم يتقي الإنسان على نفسه أن يكون مثل سائر المخلوقات التي خلقها الله، التي غايتها غرائزها الحيوانية،
فيرتفع الإنسان بنفسه وبتقواه أن يكون كالحيوان.
وبالصوم يتحقق معنى التقوى في الإنسان وينعكس
فالمقصد من التقوى أن يكون الصيام "ثورة للتغيير".
فيُقارن الإنسان بين ماضيه قبل صيامه وحاضره عند
صيامه ليجد هذا الفرق الشاسع فيتحقق في نفسه معنى
التقوى.
إن الصيام لمعجزة إسلامية تقضي أن يُحذف من
وهو يفسر التقوى هنا من "الاتقاء"، أي التباعد عن
(( الصوم جُنة )) أي وقاية، كمِجَن الحرب، تقيه شرور حيوانيته.
ولا أعتقد أن ثمة خلافًا بين المُفسرين والرافعي في حقيقة "لعلكم تتقون"، فهي تعني ذلك كله.
والصبر لا يتم ما لم يكن هناك مثابرة وتحمل، وقهر
للشيطان وحبائله، لأنك تخوض معركة مع الشيطان،
(من الآية69)سورة العنكبوت .
فالصائم يرى الشهوات فيعصمه إيمانه، وكلما حاول هواه،
رده بالمجاهدة والصبر، وكذلك يجوع فيحتمل، ويعطش
فيصبر، ويعتقد انه في عبودية لله، وربما اشتغل وكان ذا
مهنة، ولا تحدثه نفسه بالتمرد الشيطاني، وإن حدثته
كما يعف الجسد عن الطعام، وتعف الروح وتزكو، كذلك
ويَعِف الفرج أيضاً عن المحرمات (( فإن لم يستطع فعليه
بالصوم فإنه له وِجاء )) أي خصاء..! فلا يفكر فيما نهى الله عنه.
ذكر الأديب الرافعي "إن الصيام نوع من الطب، وكأن أيام
هذا الشهر المبارك، ما هي إلا ثلاثون حَبة تؤخذ فى كل
فالتباعد الموقوت بساعات النهار عن كل مُفطر، يصنع
(( صوموا تصحوا)) رواه الطبرانيوابن السني ولكنه لا يصح سندا وصح معنى وواقعا .
كماحصل في بدر وفتح مكة...!
فالجوع والظمأ، سينتهي بصاحبه إلى حدائق الإخلاص،
حيث يُمسك ولا يدري به أحد، فهو من أعجب العبادات
وبعد كل ما ذكرناه وسلطنا عليه الضوء من الفلسفة الربانية للصيام وإنعكاسه على النفس البشرية
يتضح لنا عظمة هذه النفحة الربانية التي أرسلها الله لنا
لتكون بمثابة "مدرسة إلهية " تُهذّب وتُغير فيها النفس
البشرية وتُحطم فيها أصنام الشهوات والخطايا البشرية.
وها نحن أمام شهر سنوي متكرر، وموسم له غايات وحِكم، وفلسفة لا تُدرك إلا بحسن التأمل والتفكر ومن صام مرة ومرتين بإعمال العقل، أدرك الحكمة، وفاز بالثمرة وحسن العاقبة، وأن هذا الدين عميق وآثاره عجيبة.
حقًا ما أعظم هذا الشهر الكريم فهو حقًا
"مدرسة الثلاثين يومًا"
استمرار الفكرة الإنسانية كى لا تتبدل النفس على تغير
الحوادث، ومن معجزات القرآن الكريم أنه يدخر في
الألفاظ المعروفة فى كل زمن حقائق غير معروفة لكل
زمن فيجليها لوقتها حتى يضج الزمان العلمى فى متاهته وحيرته.
السر الإجتماعي العظيم وراء الصوم:-
(الرحمة في الألم):-
من قواعد الإنسانية التي يتعلمها الإنسان،أن الرحمة لا تنشأ إلا بعد معرفة الألم، أو كما قالوا قديمًا "أن الرحمة تنشأ منالألم" وهذا سر من أسرار الصوم.
فليس الجوع مقصداً لذاته هنا فحسب، وإنما
وراءه مقاصد رفيعة سامية.
فالجائع الغني لا يستطيع أن يسمع صوت الجائع الفقير
فيضميره إلا بعد أن يَمُر بتلك التجربة العظيمة
وهي"الصوم".
ومتى تحققت رحمة الجائع الغني بالجائع الفقير،وسمع
الجائع الغني في داخله صوت الجائع الفقير فيُسارع لتلبية
هذا الصوت وإشباع الفقير، تتحقق عندها أسمى
الإنسانية ويضع الإنسانية كلها في حالة نفسية واحدة.
بل ويضع الإنسانية كلها غنيها وفقيرها عظيمها وبسيطها
على صف واحد.
ترويض النفس:-
دعونا نتفق أن الميدان الأول للإنسان والبشرية هو
"النفس".
فإن إستطعنا أن ننتصر في هذا الميدان فما بعده أهون،
ولعل الحكمة الربانية من الصوم هو ترويض النفس
وتهذيبها، فأنت بمحض إرادتك ليس لك وازع إلا
ضميرك، تمنع نفسكعن شهواتها وعن طعامك وشرابك لا
رقيب عليك إلا الله وحده.
فإذا إمتنعت عن ذلك محتسبًا ذلك عند الله مُخالفًا لإهوائك
تكون قد إنتصرت على نفسك في ميدان من ميادين
وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال:
"فرغتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ."
فقد كان يقصد صلى الله عليه وسلم "جهاد النفس."
1-التقوى:-
فنجد في هذه الآية الله تعالى مخاطبًا للمؤمنين من هذه
الأمة وآمرًا لهم بالصيام ، وهو : الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل ، لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة .
ويتضح لنا أن الهدف والغاية الكبرى وراء فرضية الصيام
للمسلمين هو تحقق معنى التقوى،فبالصوم يتقي الإنسان على نفسه أن يكون مثل سائر المخلوقات التي خلقها الله، التي غايتها غرائزها الحيوانية،
فيرتفع الإنسان بنفسه وبتقواه أن يكون كالحيوان.
وبالصوم يتحقق معنى التقوى في الإنسان وينعكس
بدوره على طباعه وأخلاقه فيحفظ عليه لسانه وبصره
وكافة جوارحه.فالمقصد من التقوى أن يكون الصيام "ثورة للتغيير".
فيُقارن الإنسان بين ماضيه قبل صيامه وحاضره عند
صيامه ليجد هذا الفرق الشاسع فيتحقق في نفسه معنى
التقوى.
إن الصيام لمعجزة إسلامية تقضي أن يُحذف من
الإنسانية كلها تاريخ البطن ثلاثين يوما في كل سنة،ليحل
محله "تاريخ النفس" كما يقول الاستاذ الرافعي رحمه الله.وهو يفسر التقوى هنا من "الاتقاء"، أي التباعد عن
المسلك الحيواني في الحياة، وإعلاء جانب الروح، وألا
يكون المرء مقاتلاً لبطنه وشهواته، ويستشهد لذلك بحديث الصحيحين:-(( الصوم جُنة )) أي وقاية، كمِجَن الحرب، تقيه شرور حيوانيته.
ولا أعتقد أن ثمة خلافًا بين المُفسرين والرافعي في حقيقة "لعلكم تتقون"، فهي تعني ذلك كله.
2- الصبر:-
الموروث من عملية الإمساك وإيثار ما عند الله، والكف
عن كل ما أباحه الله لنا، ولذلك سُمي رمضان شهر الصبر،
قال تعالى "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ"
(10) سورة الزمر. والصبر لا يتم ما لم يكن هناك مثابرة وتحمل، وقهر
للشيطان وحبائله، لأنك تخوض معركة مع الشيطان،
وتزييناته لبني آدم.
3-المجاهدة:-
التي قال الله فيها"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"(من الآية69)سورة العنكبوت .
فالصائم يرى الشهوات فيعصمه إيمانه، وكلما حاول هواه،
رده بالمجاهدة والصبر، وكذلك يجوع فيحتمل، ويعطش
فيصبر، ويعتقد انه في عبودية لله، وربما اشتغل وكان ذا
مهنة، ولا تحدثه نفسه بالتمرد الشيطاني، وإن حدثته
قاوم ذلك وجاهد في الله حق جهاده، تدينًا وأدبًا وامتثالاً.
4-العفة:-
يعف اللسان عن قول الباطل، وآفات الكلام، وإتعاب
النفس، فيعيش حلاوة السكون والسكوت، ويتعلم منهج
( إني صائم)،فيسمع ولا يتكلم، ويشاهد ولا يجادل ، ويخرج بفضيلة الحلم والأناة والهدوء، وهذا كله بفضل الصيام(( فإن سابَّه أحد أو قاتله فليُقل إني صائم )).ويَعِف الفرج أيضاً عن المحرمات (( فإن لم يستطع فعليه
بالصوم فإنه له وِجاء )) أي خصاء..! فلا يفكر فيما نهى الله عنه.
5-الصحة:-
ذكر الأديب الرافعي "إن الصيام نوع من الطب، وكأن أيام
هذا الشهر المبارك، ما هي إلا ثلاثون حَبة تؤخذ فى كل
سنة مرة لتقوية المعدة، وتصفية الدم، وخياطة أنسجة
الجسم".فالتباعد الموقوت بساعات النهار عن كل مُفطر، يصنع
جسدًا سليمًا، وروحًا معتدلة، فترتاح المعدة، وتفرز
فضلاتها، وتحرق دهونها، وتجني حلاوة الراحة والاستشفاء من كثير من الأمراض، ولذلك روي(( صوموا تصحوا)) رواه الطبرانيوابن السني ولكنه لا يصح سندا وصح معنى وواقعا .
وعلى المجال النفسي ذكر د. (يوري نيكولايف)
مدير معهد موسكو النفسي ،أنه عالج اكثر من 7000 آلاف حالة نفسية بالصيام.
وهذه الصحة تحمل المسلم على السفر وخوض المعارك كماحصل في بدر وفتح مكة...!
6- الإخلاص :-
فالجوع والظمأ، سينتهي بصاحبه إلى حدائق الإخلاص،
حيث يُمسك ولا يدري به أحد، فهو من أعجب العبادات
الخفية ، التي تربي غِراس الإخلاص في الفؤاد
(( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ،
الصيام لي وأنا أجزي به )) كل العبادات
لله، ولكن قالوا خص الصوم لأنه سر بين العبد وربه،
ومعاني السرية هنا أظهر من غيره.
خاتمة:-
يتضح لنا عظمة هذه النفحة الربانية التي أرسلها الله لنا
لتكون بمثابة "مدرسة إلهية " تُهذّب وتُغير فيها النفس
البشرية وتُحطم فيها أصنام الشهوات والخطايا البشرية.
وها نحن أمام شهر سنوي متكرر، وموسم له غايات وحِكم، وفلسفة لا تُدرك إلا بحسن التأمل والتفكر ومن صام مرة ومرتين بإعمال العقل، أدرك الحكمة، وفاز بالثمرة وحسن العاقبة، وأن هذا الدين عميق وآثاره عجيبة.
حقًا ما أعظم هذا الشهر الكريم فهو حقًا
"مدرسة الثلاثين يومًا"
جميل ومعبر وكويس
ردحذفالب أرسلان ☺️
موضوع جميل.
ردحذفوجميل أنه أشار الى ولادة الرحمه من الالم 🌹
جميل ومفصل. والاجمل توضيح أن الرحمه تولد من جوف الالم
ردحذف